كتب د سمير ايوب
على الله تعود
صَمْتُ أواخرِ الليلِ مُحتالٌ مُراوِغٌ ، مُعَبّدٌ لِسانه بالجَمرِكُلُّه . البارحةُ والليلُ يَتَهجىّ طلائعَ ضوءِ الفَجر ، سائَلَني ذاك الصمتُ بِشئٍ من شماتة مُفاجِئَة : ماذا تفعلُ مُتَقَوقِعاً في ثنايا أصدافِك ، صامِتاً كأبي الهول ؟ ما بالُ جَفناكَ قد هَجرَهُما النوم حتى الْتَوْ ؟ لم أعُدْ أفهمُ هَمَّكَ وحُزنَك ، يا صديق النوى والجوى والسهاد .
قلتُ بغيظٍ بَيِّنٍ : دعْكَ مِمَّا يُحزنُني ، فهو كثير . ولكن ، أصدقني القولَ يا نديمَ توالي الليل ، أصحيحٌ أن هناك حبٌّ بِلا مَسٍّ مِن جُنون ؟ وأنا هنا ، بالتأكيدِ لا أقصدُ النزوةَ العابرة .
سارعَ مُستنكِراً ، وكأنني أحمقٌ أوقعته أبالسةُ توالي الليل ، بين يديه : أتَقصِدُ حُباً عاقِلاً خاليَ الدسم ، مُشَذَّباً مُهذباً مُؤدَّباً مثلا ؟ أتعني حُباً مُثلَّجاً ، ياقتةٍ بيضاء مُنَشَّاةٍ بِحِرص ؟ حُباً طيِّباُ مُسالِماً صديقاً للبيئة ؟ أو حتى حُباً ساذجا حَدَّ العَبَطْ ؟
وأكمل ، دون أن يمنحني فرصةً للأجابةٍ على زخاتِ إستنكاراتِه : عن نفسي ، فأنا إُحبه طازجاً أنيقاً ، بِطَعمِ الكثيرِمن الجُنونِ العاقِل ، ونَكهةِ اللامعقولِ المُفارقِ للرتابةِ ، ومًتوالياتِ التوقع ومحطاته ، حتى لو كانت كلها مكتومةً ، أو جُلُّها يا صديقي .
تَنَهَّدْتُ ضَجِراً بِصوتٍ مُتثائِبٍ . فاستطالَ الصمتُ بِظله الكثيفِ مُشاكساً ، الى المسجلة المُسترخيةِ بِحضني كَقِطةٍ وديعة . وفَصَلَها عن التيار . وأزاحها جانباً . وقال : دَعكَ من وديع الصافي ، وصوته الجبلي . لا تُنادي على مُفتَعِلي مُبرراتٍ أوهى من خيطِ العنكبوت ، للضياعِ في بلاد الله .
أطْبِقْ جَفْنَيكَ . وأغلِقْ عُيونَ قلبك . وَنَمْ قريرَ العَيْن . كيلا يرى مُتَرَبِّصٌ ، هَمَّكَ في طُرُقِها وحَواريها . وأتْبِعْها ، بِلَمْلَمَةِ ما قد يَتَبقى لك من أشلاء . واركض أمامك . فكل الطرق ما زالت هناك . تَهْمِـسُ لك يا صديقي ، بِهـدّوءٍ : لقد كانوا يوماً هُنا ، ورحلوا .
ساعَتَها فقط ، دَنْدِنْ كما يشاء لك الصافي ، ويحلو لقلبك . دندن لكل من يصعب نِسْيانُهُم من الراحلينَ ، الضائعينَ في ديار الله ، الباقونَ سِرّاً في النبض :
على الله تعود بَهْجِتْنا والفْراح ، على الله .
الاردن – 24/8/2015
على الله تعود
صَمْتُ أواخرِ الليلِ مُحتالٌ مُراوِغٌ ، مُعَبّدٌ لِسانه بالجَمرِكُلُّه . البارحةُ والليلُ يَتَهجىّ طلائعَ ضوءِ الفَجر ، سائَلَني ذاك الصمتُ بِشئٍ من شماتة مُفاجِئَة : ماذا تفعلُ مُتَقَوقِعاً في ثنايا أصدافِك ، صامِتاً كأبي الهول ؟ ما بالُ جَفناكَ قد هَجرَهُما النوم حتى الْتَوْ ؟ لم أعُدْ أفهمُ هَمَّكَ وحُزنَك ، يا صديق النوى والجوى والسهاد .
قلتُ بغيظٍ بَيِّنٍ : دعْكَ مِمَّا يُحزنُني ، فهو كثير . ولكن ، أصدقني القولَ يا نديمَ توالي الليل ، أصحيحٌ أن هناك حبٌّ بِلا مَسٍّ مِن جُنون ؟ وأنا هنا ، بالتأكيدِ لا أقصدُ النزوةَ العابرة .
سارعَ مُستنكِراً ، وكأنني أحمقٌ أوقعته أبالسةُ توالي الليل ، بين يديه : أتَقصِدُ حُباً عاقِلاً خاليَ الدسم ، مُشَذَّباً مُهذباً مُؤدَّباً مثلا ؟ أتعني حُباً مُثلَّجاً ، ياقتةٍ بيضاء مُنَشَّاةٍ بِحِرص ؟ حُباً طيِّباُ مُسالِماً صديقاً للبيئة ؟ أو حتى حُباً ساذجا حَدَّ العَبَطْ ؟
وأكمل ، دون أن يمنحني فرصةً للأجابةٍ على زخاتِ إستنكاراتِه : عن نفسي ، فأنا إُحبه طازجاً أنيقاً ، بِطَعمِ الكثيرِمن الجُنونِ العاقِل ، ونَكهةِ اللامعقولِ المُفارقِ للرتابةِ ، ومًتوالياتِ التوقع ومحطاته ، حتى لو كانت كلها مكتومةً ، أو جُلُّها يا صديقي .
تَنَهَّدْتُ ضَجِراً بِصوتٍ مُتثائِبٍ . فاستطالَ الصمتُ بِظله الكثيفِ مُشاكساً ، الى المسجلة المُسترخيةِ بِحضني كَقِطةٍ وديعة . وفَصَلَها عن التيار . وأزاحها جانباً . وقال : دَعكَ من وديع الصافي ، وصوته الجبلي . لا تُنادي على مُفتَعِلي مُبرراتٍ أوهى من خيطِ العنكبوت ، للضياعِ في بلاد الله .
أطْبِقْ جَفْنَيكَ . وأغلِقْ عُيونَ قلبك . وَنَمْ قريرَ العَيْن . كيلا يرى مُتَرَبِّصٌ ، هَمَّكَ في طُرُقِها وحَواريها . وأتْبِعْها ، بِلَمْلَمَةِ ما قد يَتَبقى لك من أشلاء . واركض أمامك . فكل الطرق ما زالت هناك . تَهْمِـسُ لك يا صديقي ، بِهـدّوءٍ : لقد كانوا يوماً هُنا ، ورحلوا .
ساعَتَها فقط ، دَنْدِنْ كما يشاء لك الصافي ، ويحلو لقلبك . دندن لكل من يصعب نِسْيانُهُم من الراحلينَ ، الضائعينَ في ديار الله ، الباقونَ سِرّاً في النبض :
على الله تعود بَهْجِتْنا والفْراح ، على الله .
الاردن – 24/8/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق